قد يتعرض بعض الأشخاص للشعور بأنَّهم ضحية في الحياة، أو الشعور بالشك والارتياب والخوف من الأشخاص المحيطين بهم، ما من الممكن أن يتسبب ببعض المشاكل في التأقلم مع الحياة وتكوين العلاقات الصحية مع من حولهم، وتوصف هذه الشخصية في علم النفس بالشخصية الاضطهادية.[١]


الشخصية الاضطهادية

يعاني صاحب الشخصية الاضطهادية من اضطراب عقلي يعرف بالبارانويا (بالإنجليزية: Paranoid personality disorder) واختصارًا (PPD)، ويؤثر هذا الاضطراب على صحته النفسيَّة، حيث تتملكه مشاعر مفرطة بالأهمية الذاتية، والرغبة الكبيرة في تحقيق الاستقلالية، إضافةً إلى المشاعر السيئة تجاه الأشخاص في محيطه، والتي تتمثل بالتشاؤم أو التشكيك في أفعال الآخرين، وعدم الثقة بهم، حيث يتغلب الشك والخوف عليه بسبب شعوره بأنه قد يتعرض للإيذاء من النّاس، كما من الممكن أن يشعر بالغيرة، ما يجعل من الصعب عليه أن يسامح النّاس، ويؤدي ذلك إلى الشعور بالتوتر المستمر الذي يؤثر في حياته اليومية في المنزل والعمل، وعلاقاته بعائلته وأصدقائه وزملائه.[٢][١]


أسباب اضطراب الشخصية الاضطهادية

لا يزال السبب المباشر لتكوين الشخصية الاضطهادية غير معروف، حيث تؤثر مجموعة متداخلة من الأسباب والعوامل النفسيَّة في حياة الشخص على تكوينها، فالوراثة تلعب دورًا مهمًّا، خاصّةً إذا كان أحد الوالدين مصابًا بأحد الأمراض النفسية الأخرى، مثل: انفصام الشخصية أو اضطراب الوهام، كما قد تؤدي ذكريات الطفولة التي تعرض لها الشخص من صدمات نفسيّة أو جسديّة إلى تكوين الشخصية الاضطهادية.[٣]


أعراض الشخصية الاضطهادية

يتسبب شعور صاحب الشخصية الاضطهادية بالشك والخوف من الآخرين بالعديد من الأعراض التي تصعب التعامل معه، ومن هذه الأعراض نذكر ما يلي:[٤]

  • الشعور بالرعب والخوف من الآخرين.
  • الصعوبة في تحقيق الهدوء النفسي والروحي.
  • الشعور بالشك والارتياب حتى من الأشخاص المقربين، مثل: أفراد العائلة أو شريك الحياة، ما يدفهم إلى محاولة السيطرة والتحكم في العلاقة خوفًا من الإيذاء أو الخيانة.
  • إظهار رد فعل يتملكه الغضب، أو الرفض وعدم التقبل.
  • تحليل أفكار، أو محادثات، أو سلوكيات الآخرين بشكل مبالغ فيه للحصول على أدلة تفسر نواياهم الخاطئة.
  • المحافظة على سرية حياتهم من خلال الكتمان.
  • عدم تقبل النقد والحساسية المفرطة تجاهه.
  • تبنّي آراء سلبية غالبًا تجاه الآخرين.
  • الاشتباه في أفعال الآخرين الجيدة، وتفسيرها على أنَّها أفعال سيئة وغير سليمة وإظهار ردود أفعال مبالغ بها تجاه هذه الأفعال.[٥]
  • عدم القدرة على التسامح مع الآخرين.[٥]
  • تصور الهجوم على شخصه في أي لحظة، وعلى أي سبب.[٥]


تشخيص اضطراب الشخصية الاضطهادية

يجدر بالشخص الذي يشعر بوجود أعراض اضطراب الشخصية الاضطهادية مراجعة الطَّبيب للحصول على المساعدة، حيث يقوم الطَّبيب بتقييم التاريخ المَرَضي والعائلي وإجراء بعض الفحوصات لاستبعاد وجود أي مرض جسدي آخر يتسبب بالأعراض، وذلك لعدم وجود اختبار أو فحص محدد لتشخيص الشخصية الاضطهادية، وفي حال الشك بالإصابة بها، يقوم الطَّبيب بتحويل الشخص إلى طبيب متخصص بالأمراض النفسيَّة والعقلية ليتمّ تشخيص الحالة بدقّة ومتابعتها من خلال الجلسات العلاجيَّة في عيادة الطَّبيب.[٦]


علاج اضطراب الشخصية الاضطهادية

بالرغم من عدم وجود خيارات كافية لعلاج حالة الشخصية الاضطهادية؛ نظرًا لعدم وجود معرفة كافية بها، إلا أنه من الممكن استخدام جلسات العلاج النفسيّ أو الاستعانة بالأدويَّة تحت الإشراف الطبيّ للمساهمة في التغلب على أعراض الشخصية الاضطهادية، وذلك لتحسين حياة الشخص ومساعدته على التأقلم مع محيطه، وفيما يلي توضيح لهذه العلاجات:[٢]


العلاج النفسيّ

يساعد العلاج السلوكيّ المعرفيّ على تغيير طريقة تفكير المريض، وذلك من خلال التكلم بشأن حالته،[٧] ويمكن للعلاج النفسيّ تخفيف أعراض الشخصية الاضطهادية من خلال ما يأتي:[٢]

  • تشجيع المريض على الثقة في النّاس، وتعزيز علاقته معهم.
  • تعزيز إيمان المريض بصدق نوايا أفراد الأسرة والأصدقاء.
  • تصحيح طريقة فهم المواقف بإيجابية وتجنب التفسير الخاطئ.
  • مساعدة المريض على التفاعل مع المواقف بهدوء وبدون غضب.
  • مساعدة المريض على التسامح.


العلاج الدوائيّ

في الحقيقة لم توافق هيئة الغذاء والدواء حتى اللحظة على أي أدوية مخصصة لعلاج الشخصية الاضطهادية بسبب قلة الدِّراسات، إلا أنه من الممكن أن يصف الطَّبيب النفسيّ بعض الأدوية بهدف تخفيف الأعراض الشديدة، مثل الأدوية التالية:[٢]


هل يمكن منع اضطراب الشخصية الاضطهادية؟

بالرغم من صعوبة منع التعرض للإصابة باضطراب الشخصية الاضطهادية، إلا أنه من الممكن أن يساعد العلاج على تخفيف الأعراض، وذلك من خلال تعليم الشخصية الاضطهادية التغلب على طريقة التفكير السلبية، والتحكم بردود الفعل في المواقف المختلفة، ما يمكّن الشخص من التعايش والتكيف مع الحياة بشكل صحيّ.[٣]


التعايش مع اضطراب الشخصية الاضطهادية

نظرًا لاستمرار اضطراب الشخصية الاضطهادية مع المصاب طيلة حياته، فإنَّ قرار التعايش والتغلب على أعراضها يضمن له مستقبل أفضل، ما يمكّنه من تكوين عائلة، والنجاح في العمل والدراسة، في حين يكون الأمر أكثر صعوبةً وتعقيدًا لدى الأشخاص الذين لا يستطيعون الالتزام في العلاج أو التأقلم مع المحيط.[٦]

المراجع

  1. ^ أ ب "Paranoid Personality Disorder (PPD)", helpguide, Retrieved 18/7/2021. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث "What to know about paranoid personality disorder", medicalnewstoday, Retrieved 18/7/2021. Edited.
  3. ^ أ ب "Paranoid Personality Disorder", clevelandclinic, Retrieved 18/7/2021. Edited.
  4. "Paranoid Personality Disorder", verywellmind, Retrieved 18/7/2021. Edited.
  5. ^ أ ب ت "Paranoid Personality Disorder", psychologytoday, Retrieved 18/7/2021. Edited.
  6. ^ أ ب "Paranoid Personality Disorder", webmd, Retrieved 18/7/2021. Edited.
  7. "Overview - Cognitive behavioural therapy (CBT)", nhs, Retrieved 19/7/2021. Edited.