عرّفت جمعية علم النفس الأمريكية مفهوم الهروب من الواقع على أنه رد فعل دفاعي يتضمن استخدام الخيال كوسيلة لتجنب النزاعات ومشاكل الحياة اليومية. أحيانًا لا يكون الهروب من الواقع شيئًا يبدأ بوعي، حيث تفعل عقولنا المعقدة هذا بشكل لا إرادي، فما هي أسباب الهروب من الواقع، وكيف يمكن معالجته؟[١]

ما هو الهروب من الواقع؟

يشير الهروب من الواقع إلى الميل للهروب من العالم الحقيقي إلى عالم خيالي آمن ومريح، نظرًا لأن الحياة الواقعية مرهقة ومتعبة وفيها الكثير من الضغوطات، وبالتالي فإن استراتيجيات الهروب تقلل من هذا التوتر لحظيًا، ويمكن أن يكون الهروب من الواقع مهارة تكيّف عند استخدامها بشكل إيجابي، على الرغم من أن تجاهل الواقع تمامًا يمكن أن يكون ضارًا.[٢]


كيف يكون الهروب من الواقع؟

يعتبر الهروب إلهاءً نحو اتجاهين؛ إلى عالم الخيال (العالم الوهمي)، أو إلى الترفيه (الألعاب، الأفلام والمسلسلات، المخدرات، الهواتف، مواقع التواصل الاجتماعي)، ويحذر عالم النفس "كوليير" من أن الهروب يعني أن الشخص يجنب أن يتواجد مع نفسه ويفكر في مشكلاته، وكلما هرب أكثر قل الوقت الذي يملكه للتفكير في خيارات حياته، وأخطائه وصدماته، وبالتالي يعتقد أنه يهرب من الألم، بينما في الحقيقة هو يتألم بصورة أخرى.[٣][٤]




في علم النفس يعرف الهروب على رغبة أو سلوك لتجاهل الواقع أو التهرب منه أو تجنبه، لذلك يميل الأشخاص الى الهرب عقليًّا من المواقف لتجنب المزيد من الضيق وعدم الراحة النفسية خلال التجارب المؤلمة وبعدها.




أضرار الهروب من الواقع

إن الهروب غير الصحي يؤدي إلى المشاكل التالية:[٥]

  • التسويف والتأجيل: قد ينشأ التسويف نتيجة للهروب من الواقع، فهو ينشأ من الحاجة إلى الهروب من المسؤوليات أو المشاعر أو الألم.
  • الإنكار والذهان: غالبًا ما يتصرف الهاربون من الواقع والذين يعيشون في حالة إنكار بطريقة رافضة للعادات الاجتماعية، ولديهم مواقف صارمة وعنيفة تجاه الحياة، وهذا يؤدي إلى عزلتهم، وقد يؤدي الهروب أيضًا من إنكار وفاة أحد الأحباء أو المقربين، وبالتالي يؤدي إلى الذهان الذي ينطوي على تشويه أو فقدان الاتصال بالواقع، وغالبًا ما يكون مصحوبًا بالهلوسة والأفكار والسلوك غير المنظم.
  • الإدمان: قد يعطي الإدمان على المخدرات أو الألعاب راحة مؤقتة للفرد، حيث يسمح تعاطي المخدرات والكحول بالاختباء تحت غطاء من نفسه الحقيقية، والذات التي لا يقبلها.


لماذا نهرب من الواقع؟

إن الهدف من الهروب من الواقع هو تجنب قضاء الوقت مع النفس، وهذا عكس "الوعي" أو "اليقظة الذهنية"، وهو ما يؤدي إلى الانفصال عن الذات والواقع، ونعتقد أننا بهذه الطريقة نجنب الألم العاطفي، أو نتجاوز الصدمات، وبالتالي يؤدي هذا الاعتقاد إلى التدمير الجزئي للذات والتفكك، كما أن هذا الجتناب يكون بصورة أساسية عندما لا نعرف كيف نتعامل مع الواقع وتحدياته، فنشعر أنه أكبر منا ومن قدراتنا، فنلجأ إلى الإدمان أو العزلة.[٦] وهنا بعض الأسباب التي تجعل الفرد يحاول الهروب من الواقع (بوعي أو بدون وعي):[١][٥]

  • صدمة (عاطفية أو جسدية).
  • اضطراب في الشخصية.
  • مرض نفسي.
  • الإدمان.
  • التعرض للضغط المستمر.




أظهرت الدراسات أن معظم الأشخاص الذين يستخدمون الهروب من الواقع كوسيلة للتكيف، هم على الأرجح في حالة اكتئاب، حيث ثبت أن عدم التعامل مع المشكلات واستخدام الهروب من الواقع يزيد من أعراض الاكتئاب لدى الفرد.




ما هو حل مشكلة الهروب من الواقع؟

كيف تساعد نفسك بحل هذه المشكلة ومواجهة الواقع والبدء بتحمل مسؤولية نفسك؟ إليك هذه النصائح:[٧]

  • اسأل نفسك لماذا تهرب: قد تهرب من صدماتك وآلامك، قد تهرب من عائلتك، قد تهرب من خوفك من الفشل، أو مشاعرك، عندما تسأل نفسك ماذا يحدث حقيقة بداخلك، تبدأ بفهم الأمر بصورته الكاملة، كن صادقا، ليس هناك مجال للتهرب أكثر!
  • تعرف على العلامات: عندما تكتشف ما هي الأمور أو الأحداث التي تدفعك للهروب، تجعلك في حالة تنظيمية وفكرية بشكل أفضل من السابق، مثلا: بدلًا من أن تهرب من دراسة الامتحان، قرر أن تضع خطة مناسبة فيها الدراسة وأولوياتك الأخرى.
  • خذ فترات راحة جيدة: في بعض الأحيان، قد يكون الشعور بالحاجة إلى الهروب هو صراخك اللاواعي لكي تأخذ قسطًا من الراحة، وهناك فرق كبير بين إضاعة الوقت وبين وقت الراحة، لأن وقت الراحة مخصص لإعادة شحن طاقتك والاستمتاع بوقتك، أما إضاعة الوقت فهي الهروب بحد ذاته.
  • واجه ألمك: اسمح لنفسك أن تكون حزينا أو متألما، اجعل هذه المشاعر والأفكار تعبر بداخلك، وعبر عنها بشكل حقيقي، ستتفاجأ حينها أنك تتعامل معها بشكل أفضل.
  • صفِّ ذهنك: إحدى الطرق الفعالة للقيام بذلك هي الانخراط في التأمل؛ ابحث عن بعض الوقت الهادئ لنفسك، وركز على أنفاسك، فعند التفكير في هذا النوع من الهروب، فأنت ربما تريد فقط تصفية ذهنك من كل الفوضى اليومية.[٨]


إن تعلم استراتيجيات المواجهة القائمة على الدين لتقليل التوتر عن طريق تضييق وجهات النظر وإبراز الجوانب الإيجابية في الحياة أظهرت فاعليتها، لأن الدين يخلق إحساسًا بالانتماء والمعرفة بسبب وجود إجابات على أكبر أسئلة الحياة، لذلك يعزز الدين ثقة الفرد وأمله في الحياة ومستقبله، يمكن للانتماء إلى مجتمع أو نظام دعم، مثل الأسرة أو المجموعة الدينية، أن يجعل المرء يشعر بالراحة أيضًا، مما يخلق نوعًا من شبكة الأمان مدى الحياة.[٢]

المراجع

  1. ^ أ ب Tatiana Santana (22/12/2020), "Why We Tend to Try and Escape Reality.", medium, Retrieved 8/1/2022. Edited.
  2. ^ أ ب "Escapism: Coping Skill or Detrimental?", fortbehavioral, Retrieved 8/1/2022. Edited.
  3. Samy Asfoor (5/10/2017), "The great escape: Looking into the psychology of escapism", thetrinityvoice, Retrieved 8/1/2022. Edited.
  4. Katka Lapelosova, "If You Travel to Escape Your Problems, What Happens When You're Trapped in Place?", webmd, Retrieved 8/1/2022. Edited.
  5. ^ أ ب "The Psychology of Escapism: A Coping Technique or a Sinking Ship?", terraskills, Retrieved 8/1/2022. Edited.
  6. Lyn Reed (17/4/2017), "Why Escapism can be Harmful", welldoing, Retrieved 8/1/2022. Edited.
  7. "November 28, 20183 mins read Escapism: How to snap back to reality", students, Retrieved 8/1/2022. Edited.
  8. "Escaping Reality to Heal", psychology today, Retrieved 9/1/2022. Edited.